إن الخطوات الجبارة التي يخطوها صاحب الجلالة على المستوى الدولي ليست وليدة الصدفة ، بل هي نتاج وتربية وتتبع لخطوات المرحوم الحسن الثاني، الذي كان يدفع المغرب إلى الانفتاح على مختلف الشعوب، بثقافاتها و لغاتها و أديانها .
و هذا في الواقع دليل على تجدر انفتاح النظام الملكي على باقي العالم منذ قرون، الشيء الذي أورثنا ثقافات مختلفة، مع الأديان السماوية التي تعايشت مع بعضها البعض في أمن و أمان .
إن زيارة البابا إلى المغرب بدعوة من صاحب الجلالة، في هذا الظرف بالذات الذي أصبحت الأديان مشبوهة، ينظر إليها بالريبة والاحتياط، دليلا على رقي فكري، ومستوى عالي في السياسة الدولية، إذ خلال هذا الأسبوع ظلت الأنظار مشدودة إلى المغرب لمراقبة ما سيصدر عن لقاء أمير المؤمنين و الجالس على كرسي البابوية، بحيث غطت هذه الزيارة على كل ما عقد من إجراءات و مؤتمرات وعلى رأس القمة العربية، التي لم تعد محل الا الاسم الفارغ .
و إن كلمات السلطانيين الدينيين دوليا شدت الأنظار ، وأفرحت كل القلوب المحبة للسلام و المودة والإخاء، و التعايش كما أنها أكدت مرة أخرى على أن الأديان تحترم بعضها البعض، وما يصدر عن المنتسبين لهذا الدين أو ذاك، أنها سلوكا و ممارسة مريضة لهؤلاء، دافعهم مصالحهم الخاصة الخفية والمعلنة .
إن بيان القدس الصادر عن اللقاء بين الزعيمين، يعتبر موقفا جبارا ومخلصا للدين باعتبار القدس إحدى القبلتين، و القضية الفلسطينية قضية شعب شرد واغتصبت أرضه وحوصر و جوع ما بقى منه، في الوقت الذي تختفي الزعامات العربية و الإسلامية الكرتونية أمام مواقف ساكن البيت الأبيض الذي لم يخف وقوفه وراء هذه الزعامات التي يمكنها أن تذوب بجرة قلم منه .
و خلاصة القول فان الزعيم السياسي الدولي لا يصنع بالبهرجة وإكثار الأتباع، و إنما بالعمل الجاد و المصداقية في القول و العمل ، والواقعية فلا حاجة لمؤتمرات أوراقها أغلى من قراراتها .