في الواقع، لا يمكن مناقشة برامج التعليم ولغته أو لغاته قبل طرح سؤال مهم ، يتلخص في طبيعة وبعد المشروع المجتمعي الذي نريده، و نعيشه قبل وبعد الاستقلال انطلاقا من استمرارية الدولة المغربية .
فبالنظر إلى وضع المغرب وعلاقاته مع المحيط الدولي، وموقعه كدولة حاضرة وفاعلة ، ذات روابط اقتصادية وثقافية ، انخرط بحماس في المواقف الدولية المختلفة والمتعددة ، كما أبرم عدة اتفاقيات تجارية للتبادل الحر مع مختلف الدول ، ويسعى إلى الدخول إلى دائرة الأقطاب المالية الدولية ، بمؤسساته ومناطقه الاقتصادية والمالية التي يبدل جهودا قصوى لإحداثها .
بعد استعراض هذا الزخم من المعطيات ، التي تشكل نموذجا مجتمعيا لصاحب الجلالة ، باعتباره الوحيد الذي يقترح نظاما مجتمعيا متكاملا ذي شرعية تاريخية تتوجها إمارة المؤمنين .
والحال أن الأحزاب المتنازعة حول لغة التعليم لا يقدمون أي مشروع مجتمعي متكامل ، بقدر ما يتناطحون عند جزئيات بسيطة في قطاع استراتيجي ضخم يشكل قطب الرحى في البلاد ، ألا وهو التعليم .
فهؤلاء لا يستحضرون ما سبقت الإشارة إليه ، بل لا يهمهم إلا الشعارات الرنانة المبنية على القومية ، وما يرتبط بها .
حيث ثبت فشلها الدريع على جميع المستويات ، سواء في خلق وحدة، أو اتحادات، إلى غير ذلك من النماذج الفاشلة التي امتدت إلى تسعينات القرن الماضي .
والغرابة في الأمر أن هؤلاء اللغويون ، لا يخفون أنهم بمعية الطبقة الغنية ، لا يلتفتون إلى التعليم العام ، ولا يوجهون أبنائهم صوبه .