من المبادئ الثابتة، أن من يسعى إلى تدبير الشأن العام عبر العمل السياسي الحزبي ، سواء عبر آلية الانتخابات ، أو التعيين في المناصب الوزارية ، أو متيلاتها ، يكون الهدف منه خدمة الوطن والمواطن ، والمصلحة العامة، وليس الحصول على الوظيفة، حيث يلتحق السياسي بالإدارة لتنفيذ الأفكار ، والتصورات ، والمشاريع التي وضعتها المؤسسة الحزبية التي أوصلته إلى تدبير الشأن العام ، علما أن السياسي رجل متفان ومتطوع للخدمة العامة، مقابل تعويض يجب أن يكون رمزيا ، ينتهي بنهاية المهمة ، بعدها يعود المناضل إلى حياته العادية، ومحيطه، ونشاطه السابق .
هذه هي الصورة، و وضعية المناضل في الدول الديمقراطية .
غير أن ما يقع في بلدنا يندى له الجبين، حيث يبدأ الريع بمعارك التعيين الوزاري، دون مراعاة الاختصاص ، أو الكفاءة ، و تنتهي بالصراع والتسول للحصول على تقاعد مريح، ضاربين عرض الحائط بمواقفهم، ونقدهم اللادع لجميع أنواع تقاعد السياسيين لإيهام المواطن بأنهم ملائكة، وعصاميين، لا يسعون إلا لخدمة المواطن، وهو خطاب سهل ، و مغر ، ويستجيب لطموح و انتظارات المواطن .
غير أن التجربة دلت على اغتناء كل الشخصيات الحزبية من تدبير للشأن العام بطرق مختلفة، و ملتوية ، بعدها ينفصل عن مجتمعه منزويا ، واضعا حدا لنشاطه ، مبتعدا عن مؤسسته الحزبية لحرقه كافة أوراقه .
وانطلاقه من هذه الممارسات المشينة، يحتقر المواطن خطاب و وعود ، و مواقف الشخصيات الحزبية الحربائية ، ولا دل ذلك ما يروج هذه الأيام من نقاش حول مدى أخلاقية تقاعد شخص بنى مجده على رفض تقاعد السياسيين بمختلف مستوياتهم .