إن انفصام الشخصية سمة من سمات محترفي السياسة الذين امتهنوا و يمتهنون الخطاب الأجوف و المناورات التي تمليها اللحظة، مما يجعل المواطن يقف حائرا أمام تغيير المواقف حسب الأهواء و الرغبات ، والمصالح الذاتية و الحزبية .
ومهما حاولوا تطبيق قاعدة جوهرية لديهم يسمونها (التقية)، لن يستطيعوا إلهاء المواطن عن متابعة أخطائهم القاتلة .
فبالأمس القريب ، طبل الحزب الأغلبي لاستقلال القضاء سوقه أيما تسويق ، حيث أشرف وزير العدل السابق على مشروع استقلال القضاء ، والحال أن الأمر لا يتعلق باستقلال النيابة العامة بانيا عليه مجده الحكومي ، مع أنه تدخل في شؤون القضاء بقصد أو بغير قصد ، كما ذكرنا فيما سبق .
غير أن الرابطة الأخوية لأعضاء هذا الحزب تفيض غيضا، ونقدا، و نعتا للقضاء، بما يجعله غير مستقل وخاضع للإملاءات ، إن لم يكن العفاريت والتماسيح ، التحكم مع أن القضاء لم يقم إلا بواجبه بإجراء تحقيق في مواجهة أحد أعضاء هذا الحزب.
إن هؤلاء يتحملون مسؤولية تدبير الشأن العام منذ سبع سنوات ، ولم تعد أعذارهم و خرجاتهم الشعبوية تؤثر على قناعة المواطن بإخفاقهم الشنيع على جميع المستويات .
إن غرابة هؤلاء تتجلى في اتفاق الحزب و مسؤولية الحكوميين على العمل ضد القضاء، الذي يقع تحت مسؤوليتهم ، وإنها قسمة ازدواج الخطاب والشعبوية ، التي أصبحت سلعة بائرة .